سعر صرف العملة💸
ما مفهوم تحديد سعر الصرف للعملة المحلية ؟
و لماذا تلجا بعض الدول لتحديد سعر صرف عملتها المحلية ؟
و ما هي النظريات و الآليات التي قد تعتمدها الدول لتحديد سعر صرف عملتها المحلية ؟
بسم الله الرحمن الرحيم انا علاء حلاوة المحامي بالنقض و الدستورية و الإدارية العليا
و هابدأ مباشرة بتعريف مفهوم تحديد سعر الصرف للعملة المحلية
و يقصد بسعر الصرف هو المقابل النقدي لتحويل عدد محدد من العملات المحلية في مقابل عدد محدد من أحد العملات الأجنبية الأخرى
و قد يعتقد البعض ان الجهات التي تتولى الرقابة على النقد لا توجد الا حيث يوجد الاقتصاد الموجه 00الا ان هذا الاعتقاد يجافي الواقع فالرقابة على النقد توجد اساسا لحمايه الاقتصاد الوطني أياً كان النظام الاقتصادي للدوله
فالحقيقة انه لا يكاد يوجد بلد من البلاد اليوم حتي البلاد الصناعية المتقدمة ( كالاتحاد الأوربي و روسيا و الصين 00و غيرها الكثير من الدول ) الا و يخضع فيها سعر الصرف بين عملته الوطنية وسله العملات الأجنبية الاخرى لرقابة مباشرة سواء أكانت رقابه فعاله او غير فعاله بل ان هذه الرقابة للدول على سعر الصرف لعملتها الوطنية مقابل سلة العملات الأجنبية قد تمتد الى ما يمكن عقد من صفقات في سوق تبادل النقد الاجنبي
والسبب الرئيسي لهذه الرقابة المحكمة من الدول على سوق صرف عملتها الوطنية في مقابل سلة العملات الأجنبية هو الحفاظ علي القوه الشرائية للعملة الوطنية فضلا عن الحفاظ على ميزان المدفوعات فائضاً او على الأقل متوازناً بين الصادرات والواردات للسلع والخدمات استيراداً و تصديراً
وفي الاقتصاد المصري فقد تتابعت استصدار القوانين الخاصة بتحديد سعر صرف الجنيه المصري حين دخلت مصر مجبرة الى مآ يسمي بمنطقة الإسترليني تحت وطأة الاحتلال الإنجليزي لمصر فمنذ سبتمبر لعام 1916 ارتبط مصير الجنيه المصري بمصير الجنيه الاسترليني تحت وطأة الاحتلال الانجليزي الذي ربط قيمه ومصير الجنيه المصري بالجنيه الاسترليني كغطاء له بدلا من الذهب وترتب على ذلك ان كل تدهور اصاب الجنيه الإسترليني كان بالقطع يؤثر سلبياً علي سعر صرف الجنيه المصري
حتى انه و عندما فرضت المملكة البريطانية رقابه على سعر الصرف الخارجي للجنيه الإسترليني فقد تبعتها مصر في هذا الشأن بالمرسوم رقم 109 لسنه 1939 لحمايه الجنيه المصري المغطى بالجنيه الاسترليني من التضخم
ومنذ ذلك التاريخ وقد فرضت مصر نوع من الرقابة على سعر صرف عملتها الوطنية
حتى عقدت مصر في 30 يونيو 1947 اول اتفاق مالي مع بريطانيا لتسويه أرصدتها الإسترليني و بهذا الاتفاق التاريخي خرجت مصر من منطقه الاسترليني و حققت مصر استقلال نظامها النقدي وذلك باستخدام غطاء من سله متعددة من العملات الأجنبية كغطاء للعملة الوطنية و ليس الجنيه الإسترليني بمفردة
ومنذ ذلك التاريخ تتابعت القوانين ابتداءً من القانون 80 لسنه 1947 الخاص بالرقابه على النقد وحتى انتهى الامر باستصدار القانون رقم 194 لسنه 2020 بشان اصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي
فيما تضمنته المادة 211 من القانون 194 لسنه 2020 انه يصدر بالقواعد والاسس المتعلقه بتنظيم سوق النقد الاجنبي قرار من مجلس ادارة البنك المركزي المصري
و يعدّ هذا النص القانوني لتحديد سعر صرف الجنيه المصري مقابل العملات الاجنبيه هو احد اهم ادوات السياسه الاقتصاديه للدوله للتاثير على سوق السلع والخدمات سواء في القطاع الداخلي للدوله او عملياتها الخارجيه فى سوق التصدير و الاستيراد
والواقع ان تحديد سعر الصرف العمله الوطنيه في مقابل سلة العملات الاجنبيه هو أمر شديد التعقيد وتمارسه الدول تحت تأثير العديد من المؤثرات
اول هذه المؤثرات هي قوى العرض والطلب للسلع والخدمات استيرادا وتصديراً
وثاني هذه المؤثرات هو انتقال رؤوس الاموال عبر الدول للاستثمار فيما تعارف عليه باسم (( الاموال الساخنه ))
والحقيقه ان العامل الرئيسي لوفره او ندره سله العملات الاجنبيه في الاقتصاد القومي يرتبط ارتباطا جذريا بميزان مدفوعات للدوله ومدى قدرتها على تحقيق فوائض من صادراتها للسلع والخدمات تفوق مدفوعاتها لما قد تستورده من سلع وخدمات من الاسواق الدولية
وعلي هذا فانة يمكننا القول بأن سعر الصرف في اي دوله يتأثر بثلاث عوامل رئيسيه
العامل الاول :ـ قيمه العملة المحلية ومدى قوتها داخليا في الاقتصاد القومي للدوله
العامل الثاني:ـ مدي تأثير قوى العرض والطلب على العملات الأجنبية في الإقتصاد القومي سواء السوق الرسمية ام السوق الموازيه الغير رسميه
العامل الثالث :ـ مدي تأثير النظام النقدي العالمي ومدى ارتباط الدوله بالاتفاقيات الدولية النقدية
الخلاصة في هذه الحلقة اوضحت ان تحديد سعر صرف العملة الوطنية يتحدد وفق العديد من المؤثرات و انه لا صحة لما تزعمه بعض النظريات من ان العامل الوحيد لتحديد سعر الصرف هو تأثير قوي العرض و الطلب في سوق النقد الدولي
و إنما الحقيقة المجردة المعمول بها في اغلب الدول بما فيها الدول الصناعية الكبرى و التكتلات الاقتصادية الضخمة ان الدول تباشر و تمارس رقابتها المحكمة لتحقيق سعر صرف عادل ومتوازن لتحقيق اعلى عائد لعملتها الوطنية وفق رؤيتها لتنمية قدراتها الاقتصادية
في الحلقة القادمة بإذن الله سأوضح هل تعويم سعر الصرف هو مجرد مؤامرات و تحكمات و إملاءات قد تفرضها بعض المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي او البنك الدولي
ام ان هناك العديد من العوامل المحلية و الدولية التي قد تدفع الدولة لاتخاذ قرارها بتعويم سعر الصرف لعملتها المحلية كتعويم مدار او تعويم موجه لتحقيق اقصي إستفادة لسياستها الاقتصادية